الحكومة المستفيد الأكبر من مشاركة المطورين العقاريين في مشروعاتها التنموية

الحكومة المستفيد الأكبر من مشاركة المطورين العقاريين في مشروعاتها التنموية
  • بناء
  • 2021/01/18

بزغ مفهوم مشاركة الحكومة للقطاع الخاص في مشروعات التشييد والبناء، مع الانطلاق نحو تنفيذ استراتيجية متكاملة تستهدف أطر التنمية المستدامة.

وتضمن الحكومة من هذا الاتجاه تحقيق مكاسب مشتركة، بدء من تعمير البلاد وفق نظم تضمن القضاء على عشوائيات البناء، في المدن أو المناطق المستهدف تطويرها، وضمان مستوى يضمن تحسين جودة الحياه، إلى جانب إتاحة الأراضي أمام المطورين العقاريين، بما يضمن إتاحتها بعد أن كامت ندرتها تمثل عائقا في مواصلة عمليات التطوير العمراني.

وقبل هذا الاتجاه كانت الدولة خلال السنوات من 1961 إلي 1973 هى المسيطرة علي قطاع الإسكان مواد البناء وتخطيط الأراضي، وترتب علي ذلك وضع سياسات وقوانين ترمي إلي ضمان تحقيق العدالة الاجتماعية.

ونتج عن مركزية سياسة الإسكان الانسحاب الكبير للقطاع الخاص من سوق بناء المساكن المدعومة لمحدودي الدخل، والتي لا تعطى ربحا يشبع طموحاته.

وشهدت هذا التطور مراحل متعددة، حيث انطلقت بشكل كبير خلال الفترة بين عامي 1976 الي 2005 وكان للقطاع الخاص بالمشاركة في تنمية مشروعات الإسكان دورا ملموسا.

وتطور فكر الحكومة نحو توسيع مشاركة القطاع الخاص في مشروعات، وقامت بإصدار قانون البناء رقم 119 لسنة 2008 الذى أرسى مبدأ الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وبموجبه تقوم الهيئة العامة للتخطيط العمراني بقيد واعتماد الخبراء، والاستشاريين، والمكاتب الهندسية والاستشارية المتخصصة، بصفتها جهاز الدولة المسئول عن رسم السياسة العامة للتخطيط والتنمية العمرانية المستدامة، وتعهد إليهم بإعداد المخططات الاستراتيجية العامة والتفصيلية.

وفيما يتعلق بالشراكة في مجال إصدار التراخيص والإشراف علي التنفيذ، استحدث القانون آلية أسند فيها المُشرع دورا بارزا للقطاع الخاص في منظومة إصدار التراخيص، وذلك من خلال قيام المهندس والمكتب الهندسي بتصميم الأعمال المطلوب ترخيصها، وإعداد ملف الترخيص وتقديمه للجهة الإدارية المختصة، ويكون مسئولاً عن سلامة المستندات المُقدمة، وأعمال التصميم ومطابقتها للاشتراطات التخطيطية والبنائية للموقع، والكودات والمواصفات الفنية المُنظمة، وذلك من خلال تقديمه لشهادة صلاحية الأعمال للترخيص.

أما بشأن الشراكة في مجال تنفيذ مشروعات الإسكان، فاعتبارا من أكتوبر 2005 تبنت الدولة ممثلة في وزارة الإسكان والمحافظات تنفيذ المشروع القومي للإسكان لإنشاء 500 ألف وحدة خلال مدة 6 سنوات من خلال 7 محاور يُعد أهمها تنفيذ وحدات سكنية بمساحة 63م2 لمحدودي الدخل، ومن أجل زيادة إنتاج الوحدات السكنية كان لابد من مشاركة القطاع الخاص بقدر أكبر في إنتاج الوحدات السكنية.

ومن ثم فقد تم تخصيص حوالي 6655 فـداناً لتنفيذ 300 ألف وحدة سكنية من إجمالي المستهدف بعـدد 500 ألف وحدة سكنية، وبما يمثل 60 % من وحدات المشروع، بمساحة 63م2 للوحدة، فى 13 مدينة: (6 أكتوبر - الشيخ زايد - الشروق - بدر - العبور - العاشر من رمضان - برج العرب الجديدة - السادات - بني سويف الجديدة - المنيا الجديدة - قنا الجديدة - أسيوط الجديدة - أسوان الجديدة).

وتقدمت شركات القطاع الخاص الراغبة فــي المشاركة بطلب محدد به المدينة المطلوبة، والمساحة التي ترغب فيها، وتتم الدراسة المالية للوقوف على قدرة الشركة علي تنفيذ المشروع، وتقوم هذه الشركات طبقاً للمخطط العام المعتمد، وبنود التعاقد بإنشاء الوحدات السكنية علي ألا تقل نسبة الإسكان القومي عن 50% من المساحة المبنية، وتنفيذ المرافق الداخلية للمشروع، ثم يتم تخصيص وحدات الإسكان القومي للذين تنطبق عليهم الشروط الواجب توافرها في المواطن المستفيد من محور القطاع الخاص ضمن المشروع.

وطورت الحكومة هذه المفاهيم وزادت من مشاركتها مع القطاع الخاص، وكان اكبر مشاركة وفق مبدأ المكاسب المشاركة في مشروع مدينتي، حيث حصلت على حصة من الوحدات السكنية، ضمن مشاركتها مع المطور العقاري هشام طلعت مصطفي، وبعد نجاح التجربة، تم تكرارها مع عدد من المطورين، منهم المهندس حسين صبور في أخر المشروعات التي تم الاعلان عنها في مدينة السادس من أكتوبر أواخر العام الماضي.

وبعد أن لمست الحكومة نجاح التجربة بشكل كبير كررتها أول أمس مع المطور العمراني هشام طلعت مصطفى في مشروعه الضخم الجديد في حدائق العاصمة.

أكد خبراء ومطورون عقاريون، أن المشاركة بين الحكومة والمطورين العقاريين، آلية تعود بالنفع على الحكومة والشركات والمواطن، موضحين أن غالبية المطورين يفضلون تلك الآلية، موضحين أن استمرار جائحة كورونا يدفع المطورين إلى الحرص على المشاركة مع الدولة، بسبب تدني الأوضاع الاقتصادية وتأثير الأزمة سلبًا على دخول شريحة كبيرة من المواطنين.

وقال المهندس محمد البستاني، رئيس جمعية مطوري القاهرة الجديدة، ورئيس مجلس إدارة شركة البستاني للتطوير العقاري، إن المشاركة بين الحكومة والمطورين العقاريين، من الآليات المهمة التي تعود بالنفع، على المطور العقاري والحكومة والمواطن.

أضاف في تصريحات لـ"عقارات القاهرة الجديدة"، أن الحكومة تستفيد عن طريق منحها أراضي للشركات بدون أي تكلفة، مقابل وحدات سكنية، توظفها في الإسكان الاجتماعي أو المتوسط، ومن ثم تخدم قطاع عريض من المواطنين، ما يسهم في حل أزمة الإسكان.

أوضح أن العائد على المطور العقاري، يتمثل في تخفيف العبء عن الشركات بالحصول على الأرض من الحكومة دون دفع أموال، إذ إن سعر الأرض يكون مرتفعًا ويرهق المطورين، ثم يقوم بالبناء والبيع وتمويل مشروعاته من تلك المبيعات، ومن ثم يوفر المطور رأس المال، وتزداد لديه قدرة الحصول على مشروعات أكبر.

أشار رئيس جمعية مطوري القاهرة الجديدة، إلى أن العائد على المواطن يتمثل في أنه من خلال هذا التحالف، يحصل على منتج يتمثل في وحدات سكنية يمكنه شرائها بتيسيرات.

ومن جانبه، قال وسام عيسى، عضو غرفة التطوير العقاري، إن المشاركة بين الحكومة والمطورين العقاريين، تفوز بها الشركات الكبرى، لأنها تتم عبر مشروعات تتعدى 200 فدان، حيث تحصل الحكومة على ثمن الأرض من خلال وحدات جاهزة من الشركات في أخر مرحلة من المشروع.

أضاف في تصريحات لـ"عقارات القاهرة الجديدة"، أن المطور العقاري يرفع عن كاهله ثمن الأراضي والأقساط، وذلك بحصوله على الأرض من الحكومة، مشيرًا إلى أن الحكومة تستفيد بشكل أكبر حيث تتفق مع المطور على سعر الوحدات مع بدء المشروع، ثم تتسلمها بعد خمس سنوات على سبيل المثال، حيث ترتفع أسعار الوحدات ويمكن بيعها بسعر يغطي سعر الأرض بل ويتعداها.

أوضح أن الغالبية العظمى من المطورين العقاريين، يفضلون المشاركة مع الحكومة، لأن المعوق الأكبر أمام المطور في بداية المشروع هو سعر الأرض، مشيرًا إلى أنه مع استمرار جائحة كورونا وتأـثيرها على الأوضاع الاقتصادية، تكون المشاركة مع الحكومة هي الأجدى للمطور العقاري.

أشار إلى أن تلك المشاركة تتم مع الشركات الكبرى، وبالتالي تتضرر الشركات المتوسطة والصغيرة، كما أن الحكومة تبعد عن تلك الشركات، لأن مشكلاتهم وتعثراتهم كثيرة، ومن ثم الاتجاه الصحيح هو المشاركة مع الشركات الكبيرة.

وقال المهندس حمدي عتمان، رئيس لجنة الاستثمار العقاري بجمعية مستثمري العاشر من رمضان، إن العائد الأكبر على المشاركة بين الحكومة والمطورين العقاريين، يكون على الحكومة، لأنها تحصل على وحدات سكنية تتعدى قيمتها سعر الأرض التي كانت ستبيعها للشركات لتأسيس أي مشروع عقاري.

أضاف في تصريحات لـ"عقارات القاهرة الجديدة"، أن الميزة التي يحصل عليها المطور العقاري، هو ضخ السيولة التي يمتلكها في المشروعات بشكل مباشر، دون عناء الحصول على الأرض وتحمل أقساطها.